نهاية القانون الدولي ـ شنكاو هشام*
1 ـ أزمة تطبيق القانون الدولي في عالم العلاقات الدولية : إن القانون الدولي في عالم اليوم يعرف أزمة في التطبيق، والحديث حول هدا الامر يحمل في طياته مجالات عدة، ذلك لتدخل السياسة بالمصالح وتأثيرها علي صناعة القرار السياسي..
ولعل من بين خداع النفس ان يتصور إمكانية تطبيق احترام القانون الدولي حتي تتساوي أمامه جميع الدول في ظل اختلال رهيب لموازين القوي الذي يحكم النظام العالمي، ذلك لان معاير القوة والثراء هي التي تحكم علاقات الولايات المتحدة الأمريكية بالأمم المتحدة الي حد ان هناك من يفسرون السلوك الأمريكي مع المنظمة الدولية علي انه نابع من إحساس واشنطن بان هده المنظمة لاتقع فقط فوق الأراضي الأمريكية وإنما ينبغي ان تكون جزءا من وزارة الخارجية الأمريكية حيت تغطي أمريكا وحدها مايوازي 25% من ميزانيتها سنويا ..
وفي ظل استمرار الاختلال الرهيب في موازين القوى الرهيب فان الولايات المتحدة الأمريكية يحق لها ان تقصر تنديدها بالإرهاب علي من هو ضدها فقط وان ترفض أي تحديد دوليا من اجل التعريف بالإرهاب خوفا من ان يتصادم هدا التفسير مع مفاهيمها وتفسيراتها الخاصة التي فرضها علي العالم..
وإلي ان ينتهي هدا الاختلال الرهيب في موازين القوي ويقترب العالم من درجة ملائمة من التوازن الدولي من حيت التفكير دون ان يتصور احد ان تقدر الأمم المتحدة علي تطبيق الشرعية الدولية كما وردت في القوانين والمواثيق الدولية وإنما سوف يرتهن التطبيق بقدر ما بشرعية القوة التي تمسك الولايات المتحدة الأمريكية بمفاتيحها دون شريك..
لقد بات العام اليوم محكوما بإرادة سياسية واحدة وهي الإرادة الأمريكية وربما يكون مفهوما ان العالم قد اصبح بعد غياب التوازن الاستراتيجي خاضعا للتفاسير الأمريكية والتي تحدد ماهو المسموح وماهو المحظور.. فهي التي من حقها ان تصف المقاومة إرهاب وان تسمي الإرهاب دفاعا مشروعا عن النفس وهي أيضا التي تملك الحق في ان تصف امتلاك هده الدولة لأسلحة الدمار الشامل هل هو جائر أم غير جائر ..
لسنوات عديدة تعالت صيحات الحرب ضد الإرهاب لمجرد ان أمريكا تضررت من شروره وتأذت منه بل ان الامر لم يقتصر علي حرب قواعد الإرهاب وإنما أمتد لاستخدام الحق في الضربات الاستباقية في كل من تشك بهم الولايات المتحدة الأمريكية وبدلك تحولت الي عقيدة اللجوء الي القوة العسكرية الساحقة بحيت أصبحت هي العقيدة الوحيدة التي يتم الاعتراف بها في أجندة السياسة الخارجية الأمريكية سواء كان ذلك يتفق مع القانون الدولي أو مخالفا له.. سواء تم ذلك باستخدام غطاء من الشرعية الدولية اوبدونها ..
وليس ماتفعله الولايات المتحدة الامريكية بجديد في العلاقات الدولية فقد سبقتها الي ذلك كل من الإمبراطوريات التي تهيأت لها معطيات القوي في ان تتجاوز القانون الدولي ..
وبالرغم من تطور الاحداث وتجددها يبقي القانون الدولي رهين سياسات القوي المتحكمة في العالم وأداة طيعة لمن يمتلك القوة في العلاقات الدولية خرق القانون الدولي في ظل الهيمنة علي مقدرات العلاقات الدولية..
2 ـ ان القانون الدولي كباقي القوانين المنظمة للحياة الدولية لأنه لابد من تواجد عدة مسارات ساهمت في تطوير هذا القانون ولكي نضع هذا الأخير في محل الفهم والدراسة والتنفيذ يجب الإحاطة بفلسفة هذا القانون مع تأكيد الإدراك ان هدا القانون لاستطيع صياغته الا الأقوياء اوتفعيله اودفنه كما يشاؤون وهذا مايشكل خرق وأزمة في حد ذاته تساهم في تعطيل دور القانون الدولي في حل الأزمات الدولية..
كما انه لسنا في موقع التشكيك في صحة مايقال حول غياب التوازن عند قمة النظام الدولي او الاستحقاقات الباهضة الاحدات الحادي عشر من سبتمبر ولكننا يمكن القول انه قبل وقوع هذين الحدثين بسنوات لم يكن القانون محترما بالكامل ولم تكن الشرعية الدولية وهي المرجعية الحاكمة لحسم النزاعات والأزمات الدولية الا قوي في العالم وهو قانون كان اخف ضرر الي حد ما ..
الي جانب ذلك كله لقد فرضت بعض ذلك استحقاقات علي العالم بقصد او بغير قصد في قبول دوس بالاحدية في كثير من هده الصراعات على القانون الدولي بحيت كان غزو العراق للكويت خرقا للقانون الدولي وغزو الامريكي للعراق وأفغانستان خرقا للقانون الدولي وما اكثر الجرائم التي تتم باسم القانون الدولي والشرعية الدولية قبل وبعد غياب التوازن الدولي وقبل الواقع الدولي اصبح اكتر عرضة للعنف والصراع وان الأوضاع الدولية المعاصرة اصبحت مخترقة ولاتعرف استقرار في ظل تضارب المصالح وتنوعها لكتير من الدول التي اصبحت تري في خرق القانون الدولي هو الحل الوحيد لتحقيق المصالح في ظل واقع العلاقات الدولية المعاصرة..
3 ـ فشل القانون الدولي في ضبط المشهد الدولي : إن مسالة فشل القانون الدولي في مجال استخدام القوة العسكرية علي مستوي العلاقات الدولية أمر لاينكره احد بحيت ازال هناك فجوة عميقة بين النظرية والممارسة الفعلية لهدا القانون فالاحدات الدولية المتتالية وما قد نتج عنها من كثرت اللجؤ إلي القوة في الحاضر توضح عدم فعالية هدا القانون في ضبط سلوك الدول ومنعها من استخدام القوة اوالتلويح بها بدون مبرر وضوابط تحدد هدا الاستعمال ولكي يتم احترام هذا القانون يجب خضوع الدول لمقتضياته مع الالتزام بمضامينه تلك ..
إن عدم الامتثال لأحكام القانون الدولي أصبح أمر مألوف وجرت عليه العادة دوليا لان المجتمع الدولي اعتاد علي هده الخروقات وآنسة بها والي جانب هدا الفشل للقانون الدولي الناظم لاستخدام القوة في العلاقات الدولية بحيت نجد هناك عدة انتقادات موجهة الي مدي فعالية هذا القانون في مجال منع تحريم استخدام القوة ذلك إن هدا الاستخدام اصبح لايكلف الدولة المعتدية ثمنا تدفعه نتيجة إتباعها لسلوك العدواني في معالجة ألازمات تم بالإضافة الي ذلك خرقها لقواعد القانون الدولي بصورة متكررة..
ان هده الدول تكون حريصة علي توضيح حججها الداعمة لأي تدخل عسكري في دولة أخري كما إنها تبذل كلما في وسعها للرد علي الانتقادات التي توجه اليها من طرف دولة أخري وبدلك فان هده الدول التي تتجاوز القانون الدولي تسعي الي الظهور بمظهر من يحترم هدا القانون ويمتتل لأحكامه وهدا ماتقوم به الدول القوية والمتحكمة وصانعة للقرار الدولي ومع دلك لن يصعب علي السياسين الكبار إلغاء وتجاوز القانون الدولي خصوص ادا كان هدا القانون يشكل حاجزا في مصالح القوي العظمي والتي تحدد كل التوجهات في العلاقات الدولية وكل ما يحدت في منطقة الشرق الاوسط من حروب لهو خير دليل علي عدم جدوائية القانون الدولي في ضبط المشهد الدولي لان فعالية اوعدم هدا القانون فإنها تبقي رهينة مصالح القوي الدولية باحت في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
* شنكاو هشام باحت في العلاقات الدولية والقانون الدولي